جنون الالة الكاتبه
اقتنيتها اخيرًا ، قديمة بعض الشيء ولكنني اقسمت أن أكتب بها ما لم يكتب من قبل ، لم يخيل لي حينها إنني سأكتب أقدارًا
****
اتدخرت الكثير من الأموال لكي أحصل على ٱلة كاتبة تسهل لي ممارسة هوايتي وهي الكتابة ، عشقي الذي بدأ منذ نعومة أظافري ولن ينتهي إلا بموتي ، أما كتاباتي فأنا على يقين إنها لن تنتهي بموتي وستعيش أبد الدهر
بعد أن حصلت عليها أصبحت اقضي عليها ساعات يومي ، أكتب وأكتب وأكتب ، لم اشعر بمرور الأيام إلا حين طُرق باب منزلي الذي أسكنه وحيدًا ، ذهبت لٱرى من الطارق لأجدها خطيبتي وزميلتي في العمل ايضًا ، جائت لتوبخني على إنقطاعي عن العمل الذي دام إسبوعًا !
لا اعلم كيف حدث هذا ولكن يبدو أن ما تقوله صحيح ، ظلت تثرثر لأكثر من ساعة وأنا اتمنى أن تغلق فمها اللعين لأعود للكتابة ، لا أعلم ما حدث ولكني فقدت الوعي لمدة لا أعلمها ولكني افقت لأجدي مُستلقي أمام حبيبتي ، لا اقصد بخطيبتي ، بل أقصد الٱلة الكاتبة ، أما عن الأولى فهي ملقاه على الأرض ودمائها تحاوطها من كل إتجاه !
منزوعة اللسان ..
أنا لا أعلم من فعل هذا ولكن يبدو .. يبدو إنه أنا !
السكين والمقص أمامي بجانب عدة أوراق سُرد بها ما حدث ، سأقرأ لكم
" بعد ساعة التوبيخ من تلك المرٱة ذهبت إلى حبيبتي ورفعت يداها اللعينة وأنزلتها على الٱلة الكاتبة بكل قوة ، جُن جنوني حينئذ ، ذهبت إلى المطبخ وأخذت السكين وطعنتها الكثير والكثير من الطعنات ثم أستخدمت مقصًا وقطعت لسانها اللعين وحرقته حتى لا نتقابل في الحياة الأخرى وتنطق به المزيد من كلمات التوبيخ نتيجة قتلي لها "
لا أعلم من كتب هذا الكلام ولكن الباب موصد والنافذات ايضًا ، لا يوجد سوانا ..
بعد مرور يومان على الحادث وبعد أن بدأت رائحة جثمان خطيبتي في الانتشار بعض الشيء يبدو أن أحد الجيران قد لاحظ ذلك ، وبعد فترة جيدة قضيتها في عزلة مع عشيقتي الٱلة سلبني صوت جرس الباب ، اتجهت نحوه لأرى أنه جاري الهَارِم الذي يسكن المنزل المقابل لي و كأن الأمر خطير دعوته للداخل ، اخبرني في البداية عن الرائحة الكريهة المنبعثة من أحد منازل العقار وبعد أخبرته إنها ليست من داخل منزلي بدأ يتكلم متوجعًا من زوجة ابنه التي تمنعه من رؤية حفيده ، وذلك بعد أن افشى لإبنه بأمر علاقتها الغير شرعية مع أحد سكان العقار ، بدأت اتذكر جدي و تجاهله لي ، حتى إذا رأني صدفة أدار وجهه فهو حقًا يعتقد أنني القاتل لكلًا من أبي وأمي ، بدأ الأمر يتكرر ، افقد الرؤية بالتدريج ..
بعد لحظات معدودة استوقفني المنظر الآتي ، أمامي عشيقتي الٱلة التي استخدمها بيدي اليمنى وباليسرى حبلًا ملتف حول رقبة جاري الهارم أدى إلى شنقه ، بجانب الٱلة كانت توجد بعض الأوراق كالمرة السابقة وقرأت ما بها
" بدأ جاري يحكي عن حفيده و عن حبه له و تعلقه به، سئمت من ثرثرته وأتيت بالحبل و زعمت في لفه حول رقبته ، كان يحاول المقاومة ولكن ذلك العجوز الذي يشبه جدي كان لابد من أن يموت ، كان جدي ظالمًا في روايتي وبالتأكيد هذا الملعون ظالم في رواية أحدهم "
على الأرجح أنه يوجد أحد بمنزلي يحاول أن يدفعني إلى الجنون
من يكتب على ٱلتي؟
من مرتكب تلك الجرائم ؟
كل الأدلة تذهب نحوي ، ولكن أنا لا اتذكر هذا ، انا لا اكذب
قررت سماع الموسيقى المفضلة وأعددت كوبًا من القهوة
أخذت الكوب لاحتسيه في شرفة المنزل، لاحظت شخص ذو حركات مريبة يتنقل بين أحد البيوت لم ألتفت له وعدت لأستمتع بالقهوة ، رجعت إلى حبيبتي الٱلة و بمجرد سماعي لصوت صرخات من ذلك المنزل الذي اقتحمه اللص ٱتى إلى عقلي ذلك الحادث ، اللص يقتحم منزلنا ، أمي تصرخ ، ابي يواجهه ويبدو أن اللص انتصر ، امي تضعني بداخل الخزانة لم أكن صغيرًا حينها ولكن الأم لا تتغير ابدًا ، حتى وأن المسكينة لم يسعفها الوقت في الاختباء ليلحق بها اللص ويقتلها ، بدأت عيناي تسرق بعض الضوء لترى وبعد لحظات وجدتني و بيسراي سكينًا يقطر دماء ، ذهبت لٱلتي ، كان بجانبها بعض الأوراق وكُتب بها :
" بعد رؤيتي لذلك الرجل اللص سمعت صرخات مصدرها أحد البيوت المجاورة اصتحبت معي السكين و لم أعي لما أفعله إلا و رأس ذلك الشخص منزوعة عن جسده ، صوت أمرأة أعتقد انها مصدر الصرخات تشكرني على انقاذها"
و للمرة الثالثة لم أعلم من الذي يدون هذا و من القاتل ، والأمر اصبح أكثر وضوحًا ، انا القاتل والمدون
قررت تسجيل كل اللحظات بالكاميرا حتى اتيقن
بعد يومان لم يحدث شيء جديد حاولت منع نفسي من رؤية الناس والأكتفاء بكتاباتي و كل شيء يسير على ما يرام .. عدا ذلك الجرس الذي يرن في منذ ساعات قررت معرفة المُلح و بعد فتح الباب ادركت أنها المُلحة زوج أبن العجوز ، كانت أمرأة تشبه البدر ليلة إكتماله لم تكن كالباقي ساحرة بعض الشيء ابتسمت لها و أشرت لها بالدخول ثم اتجهت للمطبخ لأعد لنا القهوة و بعدما احتست قهوتها بدأت تشكوا من ابنها و تخبرني انه يبحث عن جده ولكنها لم تجده في منزله وجائت لي لتسألني عنه
فقدت وعيي لحظات لأرى القلم بيدي اليمنى وورقات أخرى مكتوبة ولكن الحبر كان دماء تلك المرأة .. تلك المرة لم اقرأ ما كتب بل ذهبت للكاميرا وبدأت اشاهد واستمع لما سجل
بعد أن اخبرتها بعدم معرفتي بمكان والد زوجها انهارت بالبكاء وأخبرتني أن ذلك العجوز افسد حياتها بعد أن رأها مع أبي وظن إنها على علاقة غير شرعية به واخبر كلًا من أمي وزوجها عن أفكاره المريضة تلك ، ثم حاولت أن اهدأ من روعها لتطلب مني مشاركتها في رقصة ، وافقت ، احتضنتني بقوة واخبرتني إنني اروق لها ، كأبي تمامًا ، هو رفض لحبه الشديد لأمي ، حاولت معه مرارًا ولكن لم تجد غايتها ، وهي الآن تعود لتطلب مني الٱمر ذاته ، طلبت منها أن تجلس لدقائق لأحضر بعض الخمور ، ذهبت للمطبخ وأحضرت السكين ومن خلفها أتيت ، مررت بالسكين على رقبتها ثم طعنتها في أعينها ثم قلبها حتى فارقت الحياة.
الٱن بات الأمر واضحًا وضوح الشمس ، أنا من أفعل هذا ، وأنا من أدون ما يحدث ، لذلك يجب أن أضع حدًا لهذا العبث ، لا يهم إن كنت ظالمًا أو مظلومًا في تلك الرواية ، سأدونها وأكتب فصلها الأخير
كان عنوان ما كتبت هو جنون الٱلة الكاتبة ، لم أقصد الٱلة التي اقتنيتها ، كنت اقصدني أنا ، أنا الٱلة الكاتبة كما لُقبت صغيرًا و الٱلة القاتلة مؤخرًا لذلك سأكتب ما يلي
" دخل الكاتب إلى مطبخه أعد كوبًا من القهوة وألتقط بيسراه سكينًا ثم خرج لشرفته وسمح لأذناه أن تسمع نوعها المُفضل من الموسيقى لمرة أخيرة ، فور ينتهي العزف ويخلو كوبه من القهوة سيضع السكين في رقبته حيث يريد العالم أن تكون.
****
المفتش : ما رأيك بما قرأته عليك يا جدي
الجد باكيًا : أتعلم يا سيدي ، أدركت الأن إنني شخصًا مؤذيًا إلى حدًا كبير يمكنك إلقاء القبض علي ، منذ أن قُتلت ابنتي وزوجها وانأ اشك في ٱمر حفيدي ، لم ادعوه ليسكن معي وكان هذا الخطأ الأكبر ، ولكنني كنت اخشى ذلك المُختل الذي لقبته بالٱلة الكاتبة ، لم أدرك إنه يحب الكتابة ويمتلك الموهبة إلا الأن ، كان من الممكن أن يصبح شخصًا ٱخر بحياة آخرى ، ظننت إن حياتي بائسة لمقتل ابنتي على يد إبنها بعد معرفة خيانة زوجها ولكن الأن ادركت إن حفيدي ليس قاتلًا او أباه خائن وكما قال حفيدي ، من يظن إنه مظلومًا في روايتها قد يكون ظالمًا في رواية أحدهم .
تمت..
Sayed A. Awwad
التعليقات على الموضوع